تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٨٠
«١» «٢» «٣» «٤» [الواقعة : ٥٦/ ٥٧- ٧٤].
هذه أدلة واقعية محسوسة على قدرة اللّه تعالى، فلقد ابتدأنا خلقكم أول مرة، بعد العدم، فهلا تصدقون بذلك تصديقا مقرونا بالطاعة والعمل الصالح، وتقرون بأن من قدر على الخلق، قادر على الإعادة بطريق الأولى؟
أخبروني عما تقذفون من المني في الأرحام، أأنتم تخلقونه بشرا سويّا، أم نحن الخالقون الموجدون له؟! وهذا حضّ على التصديق على وجه التقريع. فلا يخفى على أحد ما يوجد في المني من عمل وإرادة وقدرة.
نحن قسمنا الموت بينكم ووقّتناه لكل فرد منكم، فمنكم من يموت كبيرا، ومنكم من يموت صغيرا، والكل سواء في الموت، وما نحن بمسبوقين يسبقنا أحد على أن نبدّل بكم غيركم، فتموت طائفة ونبدّلها بطائفة، وهكذا قرنا بعد قرن، وننشئكم بأوصاف لا يصلها علمكم، ولا تحيط بها أفكاركم. وهذا وعيد يستوجب العظة والعبرة. وهو دليل على كذب المكذبين بالبعث، وتصديق الرّسل في الحشر.
ودليل آخر : أنه قد علمتم أن اللّه أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا، فخلقكم على مراحل وأطوار، من نطفة، فعلقة، فمضغة، فهيكل عظمي، فإكساؤكم باللحم، وجعل لكم السمع والبصر والفؤاد، فهلا تتذكرون قدرة اللّه تعالى على النشأة الأخرى، وتقيسونها على النشأة الأولى؟! وهذه الآية نص في استعمال القياس والحضّ عليه.
(٢) ملحا لا يشرب.
(٣) تقدحون نارها.
(٤) المسافرين.