تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٢٥
«١» «٢» «٣» [الحشر : ٥٩/ ٦- ١٠].
هذا حكم قسمة الفي ء، وإعلام أن ما أخذ من بني النضير ومن فدك فهو خاص للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وليس على حكم الغنيمة التي تؤخذ من العدو بطريق العنوة أو القتال، وإنما حكمه حكم خمس الغنائم تصرف في المصالح العامة، فما ردّه اللّه تعالى على رسوله محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وصيّره إليه من أموال الكفار بني النضير فهو آت من غير قتال، ولكن اللّه يسلّط بقدرته وتدبيره رسله على من يشاء من أعدائه، فيأخذون أموالهم دون قتال، واللّه قادر على كل شي ء، يفعل ما يشاء بمن يشاء. وفي ذلك قال عمر رضي اللّه عنه : كانت أموال بني النضير مما أفاء اللّه تعالى على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينفق منها على أهله نفقه سنة، وما بقي منها جعله في السلاح والكراع (الخيل) عدّة في سبيل اللّه تعالى.
ومصارف الفي ء : هي أن كل ما ردّه اللّه تعالى على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم من كفار أهل القرى، كقريظة والنضير وفدك وخيبر، صلحا من غير قتال، ولم ينتزع بإيجاف خيل (و هو السرعة في الجري) ولا ركاب وهي الإبل الخاصة، يحكم اللّه به بما يشاء، فيكون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في حياته، يتصرف به بحسب ما يراه من المصلحة، ثم يكون من بعده مصروفا في مصالح المسلمين العامة. ويقسم خمسة أقسام : سهم اللّه تعالى ورسوله : هو للرسول في حياته، ولمصالح المسلمين من بعده، وسهم قرابة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : وهم بنو هاشم وبنو المطلب، وسهم اليتامى، وسهم المساكين، وسهم ابن السبيل (المسافر المنقطع عن بلده في سفره) والأربعة الأخماس الباقية لمصالح المسلمين

(١) حاجة.
(٢) من يحمى ويمنع من بخل نفسه.
(٣) حقدا وحسدا.


الصفحة التالية
Icon