تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٦٩
تفسير سورة التّغابن
إثبات القدرة الإلهية والرّد على منكري البعث
قدرة اللّه تعالى الخارقة واضحة ثابتة بأدنى تأمّل، في هذا الكون الذي أوجده اللّه من العدم، حيث لا يوجد شي ء عقلا ولا طبعا بدون موجد، وأوجد الإنسان وصوّره في أحسن تصوير، وأحاط علم اللّه بكل شي ء في السموات والأرض. فلا يؤبه بإنكار المشركين وحدانية اللّه، والنّبوات، وبعث الناس من القبور، ومع ذلك أقسم اللّه تعالى على وجود البعث، وإخبار الناس جميعا بما عملوا في الدنيا، وذلك أمر يسير على اللّه، كما في الآيات الآتية في مطلع سورة التّغابن «١» المدنيّة عند الأكثرين، وقيل : إنها مكّية :
[سورة التغابن (٦٤) : الآيات ١ الى ٧]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤)
أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)
«٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [التّغابن : ٦٤/ ١- ٧].
(١) هو تغابن الآخرة حيث يغبن (يجده قليلا) كل إنسان عمله. [.....]
(٢) أبدع تصويركم أي تخطيطكم وتشكيلكم.
(٣) أي حديث النفس والسّر.
(٤) خبرهم المهم.
(٥) عاقبة أمرهم الثقيلة.
(٦) ادعوا العلم بالباطل.


الصفحة التالية
Icon