تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٧٥
و التسليم، وحسن الظن والثقة بالله، ووجوب الاعتماد على اللّه بعد اتّخاذ الأسباب، والقيام بالأعمال المطلوبة شرعا.
فتنة الأزواج والأولاد والأموال
حذّر اللّه تعالى من فتنة الأزواج والأموال والأولاد الذين يكونون سببا في التقصير بالطاعة، والتورّط أحيانا في المعصية، وناسب ذلك أن يأمر اللّه بالتقوى والإنفاق في سبيل اللّه، لأن ذلك هو رأس مال الإنسان، وسبيل إسعاده في الدنيا والآخرة، فلكل مرض علاج، وعلاج الانحراف المبادرة إلى الاستقامة، والتزام جادة الامتثال والطاعة، كما توضح هذه الآيات الآتية :
[سورة التغابن (٦٤) : الآيات ١٤ الى ١٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)
«١» «٢» «٣» «٤» [التّغابن : ٦٤/ ١٤- ١٨].
أخرج الترمذي والحاكم وابن جرير عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ في قوم من أهل مكة، أسلموا، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم (أن يهاجروا)، فأتوا المدينة، فلما قدموا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، رأوا الناس قد فقهوا، فهمّوا أن يعاقبوهم، فأنزل اللّه : وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا
(٢) الشح : البخل مع الحرص.
(٣) أي تتصدقوا.
(٤) بإخلاص وطيب نفس من غير ربا. [.....]