تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٨٩
على الأعداء، وهو العليم بما فيه صلاحكم وفلاحكم، الحكيم في أقواله وأفعاله وتدبير الأمور.
واذكر حين أسرّ النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم لزوجته حفصة أنه حرّم العسل على نفسه، أو حرّم مارية، فلما أخبرت به غيرها، وأطلع اللّه نبيه على ما حدث منها من إخبار غيرها، عرّف زوجته (حفصة أو عائشة) بعض ما أخبرت به، وأعرض عن تعريف البعض الآخر.
فحينما أخبرها بإفشائها هذا الحديث، قالت : من أخبرك به؟ قال : أخبرني به اللّه الذي لا تخفى عليه خافية، فهو واسع العلم بالأسرار، وتامّ الخبرة بكل شي ء في السماء والأرض.
ثم أمر اللّه تعالى حفصة وعائشة بالتوبة مع العتاب، فإنكما إن تتوبا إلى اللّه، فتكتما السرّ، وتحبّا ما أحبّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتكرها ما كرهه، قبلت توبتكما من الذنب، وكان خيرا لكما، فقد مالت قلوبكما عن الصواب والسداد والحق. وإن تتعاونا على ما يؤذي النبي، بسبب الغيرة والرغبة في إفشاء سرّه، فإن اللّه يتولّى نصره، وكذلك في الولاية (أو النصرة) جبريل وصالح المؤمنين كأبي بكر وعمر وعلي، والملائكة بعد نصر اللّه له، ومناصرة جبريل والمؤمنين أعوان له وحراس وحفظة.
ثم حذّرهما من العواقب، فلله القدرة التامّة، فإن ربّه عسى «١» إن طلّقكن أيتها النسوة قادر أن يبدله أزواجا خيرا وأفضل منكن، قائمات بفروض الإسلام، كاملات الإيمان والتصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله، مطيعات لله سبحانه ولرسوله، تائبات من الذنوب، مواظبات على العبادة متذلّلات لله، صائمات،