تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٩٣
إن هذه التوجيهات والمواعظ في الدنيا لها أهميتها الكبرى لصلاح النفس والبيئة، ونقاء القلب وطهره وتجرّده من جميع شوائب المعصية، وإقرار مبدأ توحيد اللّه وإزالة كل عوائق الكفر في الوقوف أمام نشر دعوة الإسلام.
مثلان من سيرة النّساء
ضرب اللّه تعالى مثلين للكفار والمؤمنين، مؤدّاهما : أن من كفر لا يغني عنه من اللّه شي ء، ولا ينفعه ملجأ أو معتصم، ولو كان متعلّقا أو متأمّلا بأقوى الأسباب.
وأن من آمن لا يدفعه دافع عن رضوان اللّه تعالى، ولو كان في أسوأ منشأ وأخس حال. فامرأة نوح وامرأة لوط كانتا في بيت النّبوة، ولكنهما خانتا زوجيهما في الكفر، فلم تفدهما رابطة الزواج شيئا من عذاب اللّه، ولكن ليست الخيانة أخلاقية، قال ابن عباس رضي اللّه عنهما : وما بغت زوجة نبي قط ولا ابتلي الأنبياء في نسائهم بهذا. وآسية امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران كانتا في وسط صعب مناف للإيمان، فصبرتا على المكروه، فكانتا في منزلة عالية عند اللّه تعالى، وذلك المثلان في الآيات الآتية :
[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ١٠ الى ١٢]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» [التّحريم : ٦٦/ ١٠- ١٢].
(٢) خانتاهما في الكفر.
(٣) لم يفدهما نوح ولوط.
(٤) أي الكافرين.
(٥) حفظته.
(٦) أي شرائعه.
(٧) الطائعين.