تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٦٩٩
الواعين والمهديين، أو نعقل عقل من يميز وينظر وينتفع، لم نكن من أهل النار، ولم نكن من الكافرين بالله. فأقرّوا معترفين بما صدر عنهم من ذنوب : وهو الكفر وتكذيب الأنبياء، فبعدا لهم من اللّه ومن رحمته، فهم أصحاب النار الملتهبة. إنهم اعترفوا بذنبهم في وقت لا ينفع فيه الاعتراف.
وعد المؤمنين ووعيد الكافرين
لا تظهر ثمرة الإيمان إلا بخشية اللّه تعالى، ولا تتحقق الخشية إلا برقابة اللّه في السرّ والعلن، ولا ينفصل الدين عن العمل للدنيا، والعمل للدنيا أمر مطلوب للتعرّض لرزق اللّه تعالى، فإن الرزق مرتبط بالسّعي. وكيف يأمن الكافرون عذاب اللّه تعالى في الدنيا كالخسف والزلزال، أو إرسال الحاصب وهي الريح الشديدة التي فيها حصباء لرجم العصاة؟ ألم يعتبر هؤلاء بمن كذب من الأمم الماضية فعوقبوا عقابا منكرا عظيما؟ ولم لم يتأمّلوا بمخلوقات اللّه العجيبة ومنها الطيور سابحات في الفضاء، بإمساك اللّه وتدبيره؟ كما هو واضح مما يأتي من الآيات :
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٢ الى ١٩]
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦)
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ بَصِيرٌ (١٩)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩»
(٢) المطّلع على دقائق الأمور.
(٣) مذلّلة منقادة سهلة.
(٤) نواحيها.
(٥) الخروج من القبور.
(٦) يغوّر أو يغيّب بكم الأرض.
(٧) تضطرب بشدة.
(٨) ريحا شديدة تحمل الحصباء، أي الحجارة الصغيرة.
(٩) إنكاري أي عذابي الشديد. [.....]