تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٠٠
«١» [الملك : ٦٧/ ١٢- ١٩].
يصف اللّه المؤمنين، وهم : إن الذين يخافون ربّهم بالغيب، أي في خلواتهم، غائبين عن أعين الناس، حيث لا يراهم أحد إلا اللّه تعالى، أو بالغيب الذي أخبروا به من الحشر والنّشر، والصّراط والميزان، والجنة والنار، فآمنوا بذلك وخشوا ربّهم فيه، لهم مغفرة واسعة لذنوبهم، ولهم ثواب جزيل، وهو الجنة.
واللّه مطّلع على كل شي ء، فسواء أخفيتم كلامكم أو جهرتم به، فالله عليم به، يعلم كل ما في الصدور، أي خواطر النفوس والضمائر. والآية خطاب عامّ لجميع الخلق في جميع الأعمال.
قال ابن عباس : نزلت في المشركين، كانوا ينالون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فخبّره جبريل عليه السّلام بما قالوا فيه، ونالوا منه، فيقول بعضهم لبعض : أسرّوا قولكم، لئلا يسمع إله محمد، فنزلت هذه الآية.
وأدلة سعة علم اللّه تعالى كثيرة، ألا يعلم الخالق خلقه فهو الذي خلق الإنسان، وأوجد السرّ ومضمرات القلوب؟ فالله أعلم بمن خلقه، لأن الصانع أعلم من غيره بالمصنوع، وهو سبحانه العليم بدقائق الأمور وما في القلوب، والخبير بما تسرّه أو تضمره من الأمور، لا تخفى عليه من ذلك خافية.
وقوله : مَنْ خَلَقَ من : فاعل لفعل (يعلم) كأنه تعالى قال : ألا يعلم الخالق خلقه؟ فالمفعول على هذا محذوف. أو منصوب بفعل (يعلم) كأنه تعالى قال : ألا يعلم اللّه من خلق؟
و أدلة قدرة اللّه تعالى كثيرة، منها أنه هو الذي سخّر لكم الأرض، وذلّلها لكم،