تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧١٧
عليه، بعد قدرتهم عليه، ولا يستطيع أحد أن يسجد، لصيرورة ظهره كتلة واحدة أو طبقة واحدة. وقوله تعالى : وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ يريد في دار الدنيا، وهم سالمون مما نال عظام صدورهم من الاتصال والعتوّ.
التخويف من قدرة اللّه تعالى
تخويف للكافرين في القرآن بعد تخويف، لقد خوّفهم اللّه تعالى بأهوال القيامة وشدائدها، ثم خوّفهم وهدّدهم أيضا بما في قدرته من القهر، ففيه الكفاية بالجزاء لمن يكذب بالقرآن الكريم. ثم أمر اللّه تعالى نبيّه بالصبر، وترك الضجر في أمر التبليغ خلافا لما فعل يونس عليه السّلام. وليس للنّبي أن يأبه بجسد قومه له، بعد أن صبّره وقوى معنوياته، وأن الشرف العظيم له، حين جعل القرآن المنزل عليه عظة للجن والإنس جميعا. وهذا مفاد الآيات الآتية :
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٤ الى ٥٢]
فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨)
لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩» «١٠» «١١» «١٢» «١٣» [القلم : ٦٨/ ٤٤- ٥٢].
هذا وعيد وتهديد من اللّه تعالى، مفاده : دعني وإياهم، واترك أمر أولئك
(٢) القرآن.
(٣) سنأخذهم تدريجا بالإمهال، ثم عقابهم على غفلة.
(٤) أمهلهم.
(٥) تدبيري قوي محكم شديد.
(٦) فهم من غرامة محملون حملا ثقيلا.
(٧) هو يونس بن متى.
(٨) مملوء غيظا وغما.
(٩) بالأرض الفضاء.
(١٠) ملوم.
(١١) اختاره.
(١٢) ليجعلونك تزلق.
(١٣) القرآن. [.....]