تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٢٠
تفسير سورة الحاقّة
التخويف بيوم القيامة وجزاء المكذبين بها
القيامة أو الحاقّة أعظم وأخطر بكثير مما نتصور، وحينما كذبت أقوام بها كثمود وعاد وفرعون وقومه وقرى قوم لوط، دمّرهم اللّه تدميرا شديدا، جعل عبرة بالغة للأجيال الآتية من بعدهم. وهذا ما تحكيه لنا سورة الحاقّة المكّية بالإجماع، التي سمعها عمر رضي اللّه عنه من النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال في أوائلها في نفسه : إنه لشاعر، كما تقول قريش، حتى بلغ إلى قوله تعالى : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) ثم مرّ حتى انتهى إلى آخر السورة فأدخل اللّه تعالى في قلبي الإسلام. وهذا مطلع هذه السورة :
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ١ الى ١٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (٤)فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ (٨) وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (٩)
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» «٩»
(٢) القيامة التي تقرع القلوب بالإفزاع.
(٣) الواقعة التي جاوزت الحدّ في الشدة وهي الصيحة أو الرجفة.
(٤) بريح شديدة الصوت والبرد، شديدة القوة والعصف.
(٥) متتابعة.
(٦) موتى مطروحين على الأرض.
(٧) أصول نخيل ساقطة فارغة.
(٨) قرى قوم لوط.
(٩) بالخطإ الشديد الفاحش.