تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٢١
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الحاقّة : ٦٩/ ١- ١٢].
البعث والقيامة، وما أدراك ما القيامة، وهي التي يتحقق فيها الوعد والوعيد، وسميت بالحاقّة لأن أمور الحساب مثبتة فيها، وحقّقت لكل عامل عمله، ومتحققة الوقوع من غير شك ولا ريب. وكلمة (الحاقّة) اسم فاعل من (حق الشي ء يحق) إذا كان صحيح الوجود. وقوله : وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) مبالغة في أهوالها وصفاتها.
ونوع العقاب ببعض الأمم السابقة التي كذبت بيوم القيامة، تخويفا لأهل مكة وغيرهم : هو :
كذبت قبيلة ثمود قوم صالح وقبيلة عاد قوم هود بالقيامة التي هي القارعة التي تقرع الناس بأهوالها. فأما جماعة ثمود فأهلكوا هلاكا تامّا بالطاغية : وهي الصيحة أو الصاعقة أو الرجفة التي جاوزت الحدّ في الشدة. قال قتادة : الطاغية : معناه الصيحة التي خرجت عن حدّ كل صيحة. وهذا أولى الأقوال وأصوبها.
وأما قبيلة عاد قوم هود، فأهلكوا هلاكا ساحقا بريح شديدة الصوت والبرد، قاسية شديدة الهبوب، جاوزت الحدّ، لشدة هولها، وطول زمنها وشدة بردها، سلّطها اللّه عليهم طوال مدة سبع ليال وثمانية أيام متتابعة، لا تنقطع ولا تهدأ، وكانت تقتلهم بالحجارة، تحسمهم حسوما، أي تفنيهم وتذهبهم. فتشاهد إن حضرت أولئك القوم في ديارهم موتى مصروعين على الأرض، كأنهم أصول نخل ساقطة أو بالية، لم يبق اللّه منهم أحدا، فهل تحس منهم من أحد من بقاياهم؟ بل
(٢) جاوز الحدّ المعتاد.
(٣) السفينة التي تجري في الماء.
(٤) عظة.
(٥) حافظة لما تسمع. [.....]