تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٧٣٨
و يفرغون قلوبهم من شواغل الدنيا، ويفكرون فيما يتلون فيها من آيات القرآن، أو يرددون من أذكار التكبير والتسبيح والتحميد، وتكون قلوبهم حاضرة مع اللّه تعالى، ويتأملون في معاني آيات اللّه تعالى.
أولئك الموصوفون بالصفات السابقة ينعّمون بجنات الخلود، ويكرمون بأنواع التكريم وألوان الملاذّ والمسارّ.
والجزاء بهذه الخاتمة الرائعة يحمل المتّصفين بهذه الصفات على التخلّص من أوصاف الهلع والجزع والمنع.
تهديد المكذّبين بالرّسالة النّبوية
أسرع الكفار المكذّبون بدعوة النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الاعتصام بالكفر، وإلى معبوداتهم الباطلة من الأصنام والأوثان، فتوعّدهم اللّه بالإبادة والهلاك، وأمر رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بالإعراض عنهم حتى يوم القيامة، حيث تكون أبصارهم ذليلة، وتغشاهم المذلّة والهوان بسبب تكذيبهم أيضا بيوم القيامة.
قال المفسّرون : كان المشركون يجتمعون حول النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم يستمعون كلامه، ولا ينتفعون به، بل يكذبون به ويستهزئون ويقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة، لندخلنها قبلهم، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية : أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨). والآيات التي قبلها وبعدها هي :
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ٣٦ الى ٤٤]
فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠)
عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤)
«٢» «٣»

(١) ناحيتك.
(٢) مسرعين إليك شاخصين أبصارهم نحوك.
(٣) جماعات متفرقين، جمع عزة : وهي العصبة والجماعة.


الصفحة التالية
Icon