تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٢٢
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [عبس : ٨٠/ ١- ٢٣].
قطّب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وجهه، وأعرض، لمجي ء الأعمى عبد اللّه بن أم مكتوم إليه يسأله، بقوله :«علمني مما علّمك اللّه» فكره النبي أن يقطع عليه كلامه مع زعماء الشرك، رجاء إيمانهم، فأعرض عنه، فنزلت هذه الآية.
وما يعلمك يا محمد أنه لعل هذا الأعمى يتطهر من الذنوب والآثام، بالعمل الصالح، بسبب ما يتعلمه منك، أو يتذكر أو يتعظ بما تعلمه، فتنفعه الموعظة.
ثم عاتب اللّه تعالى نبيه بصراحة، فقال له : أما من استغنى بماله وجاهه عن القرآن ورسالتك، وعن الإيمان والهداية، فأنت تقبل عليه بوجهك وحديثك، وتتعرض له بالموعظة، ولا شي ء عليك في أن لا يسلم ولا يهتدي، ولا يتطهر من الذنوب، فإنه ليس عليك إلا البلاغ.
وأما من أتى إليك مسرعا بجد لطلب الهداية والإرشاد إلى الخير، والاتعاظ بآيات اللّه، وهو يخاف اللّه تعالى، فأنت عنه تتشاغل، وتعرض. وهذا دليل على وجوب المساواة في الإنذار بين الناس جميعا، لا فرق بين شريف وضعيف ورجل وامرأة.
كلا (كلمة ردع وزجر) زجرا للمخاطب عن الشي ء المعاتب عليه، أو عن معاودة مثله، لا تفعل مثل ذلك الفعل مع ابن أم مكتوم، من الإعراض عن الفقير، والتصدي للغني مع كونه ليس ممن يتزكى، وهذه الآيات موعظة وعبرة، جدير بك

(١) في صحائف مكتوبة مشرفة عند اللّه.
(٢) رفيعة القدر منزهة عن الشياطين.
(٣) جمع سافر، هم الكتبة من الملائكة.
(٤) أعزاء على اللّه، أتقياء مطيعين للهتعالى. [.....]
(٥) أنشأه في أطوار مختلفة وهيأه لما يصلح له.
(٦) أحياه.


الصفحة التالية
Icon