تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٣٩
«١» «٢» [المطففين : ٨٣/ ١- ١٧].
أخرج النسائي وابن ماجه بسند صحيح عن ابن عباس قال : لما قدم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، كانوا من أبخس الناس كيلا، فأنزل اللّه : وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١)
فأحسنوا الكيل بعد ذلك.
المعنى : هلاك وعذاب وشقاء وحزن دائم للمطففين إيجابا وسلبا، الذين ينالون حقهم كاملا، ويعطون حق غيرهم ناقصا. إذا اكتالوا : أخذوا ما لهم من حق بالكيل، يأخذونه وافيا كاملا، وإذا كالوهم : أعطوهم شيئا بالكيل، ينقصون الكيل والميزان، وهذا مناف للحق والعدل، فإن اللّه تعالى يأمر بالوفاء في الكيل والميزان، لأن في ذلك إيفاء للحق واستيفاء له، من غير نقص ولا زيادة. والتصرف في مال الآخرين ظلما هو حرام بغير شك. ولا بد فيه من التوبة العاجلة.
ثم توعد اللّه المطففين بأنه : ألا يعلم أولئك المطففون أنهم مبعوثون ليوم رهيب شديد الهول والفزع : وهو يوم القيامة، فيسألون عما كانوا يفعلون. يوم يقوم الناس من قبورهم أحياء واقفين بين يدي ربهم، للحساب والجزاء. ويختلف الناس فيه بحسب منازلهم، وقد رويت في تقدير مدته آثار، من أربعين سنة، إلى مائة سنة إلى ثلاث مائة سنة، إلى خمسين ألف سنة وغير ذلك، والمعنى : أن كل مدة لقوم ما تقتضي حالهم وشدة أمرهم في ذلك. أما المؤمن فروي أن القيام فيه : هو على ما بين الظهر إلى العصر، أو على بعض الناس على قدر صلاة مكتوبة، والعرق أيضا مختلف في قدره بحسب أحوال الناس، فمنهم من يغمره كله أو إلى أنصاف ساقيه أو إلى فوق، أو إلى أسفل.

(١) لممنوعون من رؤية ربهم.
(٢) لداخلوها وذائقو حرها.


الصفحة التالية
Icon