تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٤٧
فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨)؟ قال : ليس ذاك بالحساب، ولكن ذلك العرض، ومن نوقش الحساب يوم القيامة عذّب».
وهذا الذي يحاسب حسابا يسيرا بالعرض، يرجع إلى أهله وعشيرته في الجنة مغتبطا، فرحا مسرورا، بما أعطاه اللّه عز وجل، وما أوتي من الخير والكرامة.
الفريق الثاني- الكافرون الموصوفون بقوله : وأما من أعطي كتاب أو صحيفة أعماله بشماله، أي من وراء ظهره، حيث تثنى يديه من خلفه، ويعطى كتابه بها، وتكون يمينه مغلولة إلى عنقه، فإذا قرأ كتابه، نادى : يا ثبوراه، أي بالهلاك والخسار، ثم يدخل جهنم، ويصلى حر نارها وشدتها.
يتبين من هذا أن الكافر يؤتى كتابه من ورائه، لأن يديه مغلولتان، وروي أن يده تدخل من صدره، حتى تخرج من وراء ظهره، فيأخذ كتابه بها.
ويقال : إن هاتين الآيتين نزلتا في أبي سلمة بن عبد الأسد، وفي أخيه الأسود، وكان أبو سلمة من أفضل المسلمين، وأخوه من عتاة الكافرين. وقوله : يَدْعُوا ثُبُوراً معناه : يصيح منتحبا : وا ثبوراه وا حزناه، ونحو هذا مما معناه : هذا وقتك وأوانك، أي احضرني. والثبور : اسم جامع للمكاره، كالويل.
ثم ذكر اللّه تعالى سببين لعذاب الكافر وهما :
- إنه كان في الدنيا فرحا بطرا، لا يفكر في العواقب، ولا يخاف مما أمامه، وإنما يتبع هواه، ويركب شهواته، تكبرا، لأنه لا يؤمن في الواقع بالآخرة، كما بان في السبب الثاني.
- إن سبب ذلك السرور والبطر : ظنه بأنه لا يرجع إلى اللّه تعالى، ولا يبعث للحساب والعقاب، ولا يعاد بعد الموت.


الصفحة التالية
Icon