تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٥٥
فإنه سبحانه ذو القدرة الفائقة، الذي ما شاء كان، ويكون لمح البصر أو هو أقرب، وهذا ينشر جو الرهبة أمام كفار قريش وأمثالهم.
ويؤكد تمام القدرة : أن اللّه تعالى هو الذي بدأ الخلق أول مرة في الدنيا، وهو القادر على أن يعيدهم أحياء بعد الموت، يبدأ الخلق بالإنشاء ويعيد الخلق إليه بالحشر. قال ابن عباس فيما معناه : إن ذلك عام في جميع الأشياء، فهي عبارة عن أنه تعالى يفعل كل شي ء، أي يبدئ كل ما يبدأ، ويعيد كل ما يعاد، وهذان قسمان يستوفيان جميع الأشياء.
ثم أكد اللّه تعالى الوعد الكريم بإيراد خمس صفات له سبحانه وهي :
أنه بالغ المغفرة وواسع الفضل، يغفر، أي يستر ذنوب عباده المؤمنين، إذا تابوا وأنابوا إليه، وأنه بالغ المحبة للمطيعين من أوليائه وأصفيائه. والمراد به : إيصال الثواب لأهل طاعته على الوجه الأتم.
قوله : الْغَفُورُ الْوَدُودُ صفتا فعل، الأولى ستر على عباده، والثاني لطف بهم وإحسان إليهم.
وأنه تعالى صاحب العرش العظيم، العالي على جميع الخلائق، وصاحب الملك والسلطان، والعظيم الجليل المتعالي، صاحب النهاية في الكرم والفضل، بالغ السمو والعلو.
وخصص اللّه العرش بإضافة نفسه إليه تشريفا للعرش، وتنبيها على أنه أعظم المخلوقات. والمجيد بالكسر في قراءة جماعة صفة للعرش، وذلك يدل على أن المجد والتمجّد قد يوصف به كثير من الموجودات. وبالرفع في قراءة الجمهور : صفة لله تعالى.
ثم أخبر اللّه تعالى نبيه بقصة فرعون وثمود للإيناس والتثبيت، فهل أتاك أيها النبي