تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٨٧
«١» «٢» [الليل : ٩٢/ ١- ٢١].
أقسم- أنا اللّه- بالليل حين يغطي بظلامه كل ما كان مضيئا، وبالنهار متى ظهر ووضح، لإزالة الظلمة الليلية، وبالذي خلق الذكر والأنثى من جميع الأجناس، من الناس وغيرهم. ولم يذكر مفعول (يغشى) للعلم به ضمنا، أو يغشى النهار. وقوله وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) ما : إما بمعنى الذي، أو مصدرية أي بخلق الجنسين.
وجواب القسم : إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) السعي : العمل، أي إن جميع أعمال العباد مختلفة متباعدة، ومفترقة جدا، فالفاعل : إما خير أو شر، والعمل : إما هدى أو ضلال، وإما مرضي لله يوجب الجنة أو سخط يوجب النار. والساعون قسمان :
فأما من أعطى في وجوه الخير وفي سبيل اللّه، واتقى محارم اللّه المنهي عنها، وصدق بالجنة أو الأجر والثواب مجملا، فسنأخذ بيده ونسهل عليه كل ما كلف به من الأفعال والتروك، والحسنى : الجنة، واليسرى : الحال الحسنة المرضية في الدنيا والآخرة.
نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، أخرج ابن جرير والحاكم عن عامر بن عبد اللّه بن الزبير، قال : كان أبو بكر رضي اللّه عنه يعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه (أبو قحافة) : أي بني! أراك تعتق أناسا ضعفاء، فلو أنك تعتق رجالا جلداء يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك، فقال : أي أبت، إنما أريد ما عند اللّه، فنزلت هذه الآيات فيه :
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) السورة.
(٢) تجازى وتكافأ.