تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٨٩١
ابن أرقم قال : مكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أياما لا ينزل عليه جبريل، فقالت أم جميل امرأة أبي لهب : ما أرى صاحبك إلا قد ودّعك وقلاك، فأنزل اللّه : وَالضُّحى..
الآيات.
أقسم بالضحى : وقت ارتفاع الشمس أول النهار، والمراد به النهار، لمقابلته بالليل، وبالليل إذا سكن وغطى بظلمته النهار، ما قطعك ربك قطع المودّع، وما تركك، ولم يقطع عنك الوحي، وما أبغضك وما كرهك.
ثم بشره اللّه بأن المستقبل أفضل من الماضي، فللدار الآخرة خير لك من هذه الدار، إذا انقطع الوحي وحصل الموت، وكذلك أحوالك الآتية خير لك من الماضية، وأن كل يوم تزداد عزة ومهابة ورفعة وسموا، ونصرا.
أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«عرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي، فسرّني» فأنزل اللّه : وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى
(٤) وإسناده حسن.
ثم بشره اللّه أيضا بعطاء جزيل، بقوله : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ.. أي لسوف يمنحك ربك عطاء جزيلا، ونعمة كبيرة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فهو الفتح في الدين، وانتشار الإسلام، وأما في الآخرة فهو الثواب، والحوض، والشفاعة لأمتك، فترضى به. وهذا دليل على تحقيق السمو في الدارين.
أخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل والطبراني وغيرهم، عن ابن عباس قال : عرض على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما هو مفتوح على أمته كفرا كفرا- أي قرية قرية- فسرّ به، فأنزل اللّه : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥).
ثم عدّد اللّه تعالى نعمه على رسوله قبل البعثة كالحال بعدها بقوله : أَلَمْ يَجِدْكَ أي ألم يجدك ربك يتيما لا أب لك، فجعل لك مأوى تأوي إليه، وهو بيت كافلك


الصفحة التالية
Icon