تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩١٤
و قوله : زِلْزالَها أبلغ من قوله :(زلزالا) دون إضافة للأرض، لأن المصدر غير المضاف يقع على كل قدر من الزلزال، وإن قل، وإذا أضيف إليها، وجب أن يكون على قدر ما يستحقه، فهو يفيد إيفاء الشي ء حقه.
- وألقت ما في جوفها من الأموات والدفائن، وهي أثقالها، وهذه إشارة إلى البعث، كما جاء في آية أخرى : وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤) [الانشقاق : ٨٤/ ٣- ٤]. وذلك في النفخة الثانية. وقال ابن عطية : وليست القيامة بموطن لإخراج الكنوز، وإنما تخرج كنوزها وقت الدجال.
- وقال كل إنسان مؤمن أو كافر (جنس الإنسان) لمّا يبهره أمرها، ويذهله خطبها، ويستهول المرئي : ما لهذه الأرض، ولأي شي ء زلزلت، وأخرجت أثقالها؟
قد قال عليه الصلاة والسّلام- فيما أخرجه أحمد والطبراني في الأوسط والحاكم- عن ابن عباس رضي اللّه عنهما :«ليس الخبر كالمعاينة..».
- في ذلك الوقت المضطرب، وقت الزلزلة، تخبر الأرض بأخبارها، وتحدّث بما عمل عليها من خير وشر، ينطقها اللّه تعالى، لتشهد على العباد، فإخبار الأرض :
هو شهادتها بما عمل عليها من عمل صالح وفاسد، كما قال ابن مسعود والثوري وغيرهما. فالتحديث من الأرض- على هذا المعنى- حقيقة، وكلام بإدراك وحياة يخلقها اللّه تعالى، وأضاف تعالى الأخبار إليها من حيث وعتها وحصّلتها. وقال الطبري وقوم : التحديث في الآية مجاز، والمعنى حينئذ : أن ما تفعله الأرض بأمر اللّه تعالى من إخراج أثقالها، وتفتّت أجزائها، وسائر أحوالها، هو بمنزلة التحديث بأنبائها وأخبارها. ويؤيد القول الأول :
قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم الذي أخرجه البخاري والنسائي ومالك وأحمد :«فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شي ء إلا شهد له يوم القيامة».