تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٣٥
[سورة الفيل (١٠٥) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» «٨» [الفيل : ١٠٥/ ١- ٥].
ألم تعلم علم اليقين، وكأنك شاهدت الواقعة، بما صنع ربك العظيم القدير بأصحاب الفيل، حيث دمّرهم اللّه، وحمى بيته الحرام، أفلا يجدر بقومك أن يؤمنوا بالله؟! وقد شاهد بعضهم الواقعة بنفسه.
أ لم تر أن ربك جعل مكرهم وتدبيرهم وسعيهم في تخريب الكعبة واستباحة أهلها، في تضليل وانحراف عما قصدوا إليه، وفي تضييع وإبطال، حتى إنهم لم يصلوا إلى البيت، ولا إلى ما أرادوا بكيدهم، بل أهلكهم اللّه تعالى. والكيد : إرادة مضرة بالغير على الخفية. والتضليل : الخسار والتلف.
وحيث إن قومك أيها النبي يعلمون بهذا الأمر، فليخافوا أن يعاقبهم اللّه بعقوبة مماثلة، ما داموا يصرون على الكفر باللّه تعالى، وبرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وكتابه الكريم، ويصدون الناس عن سبيل الإيمان بالله تعالى.
وأرسل اللّه تعالى على أصحاب الفيل جماعات متفرقة من طيور سود أو خضر، جاءت من قبل البحر فوجا فوجا، مع كل طائر ثلاثة أحجار : حجران في رجليه، وحجر في منقاره، لا يصيب شيئا إلا دمره وهشمه، وهي حجارة صغيرة من طين متحجر كالحمّصة وفوق العدسة، فإذا أصاب أحدهم حجر منها، خرج به الجدري أو الحصبة، حتى هلكوا.
(١) ألم تعلم أيها الرسول.
(٢) أبرهة الحبشي الملك وجنوده.
(٣) لقد جعل مكرهم وتدبيرهم بتخريب الكعبة وتعطيلها.
(٤) تضييع وإبطال.
(٥) جماعات متفرقة.
(٦) طين متحجر.
(٧) كورق زرع وحبه وتبنه.
(٨) أكلته الدواب، وراثته، أي صاروا طحينا ذاهبا كورق الحنطة، أكلته الدواب وراثته.


الصفحة التالية
Icon