ج ٢١، ص : ١٥٢
فعلة بكسر الفاء وفتح اللام ووزن صياصي فعالي بفتح الفاء.
البلاغة
فن المناسبة : في قوله تعالى « وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ » إلخ الآية.
وهذا الفن ضربان : مناسبة في المعاني، ومناسبة في الألفاظ، وما ورد في هذه الآية من الضرب الأول، لأن الكلام لو اقتصر فيه على مادون الفاصلة، لأوهم ذلك بعض الضعفاء أن هذا الإخبار موافق لاعتقاد الكفار في أن الريح التي حدثت كانت سببا في رجوعهم خائبين وكفي المؤمنين قتالهم، والريح إنما حدثت اتفاقا، كما تحدث في بعض وقائعهم وقتال بعضهم لبعض، وظنوا أن ذلك لم يكن من عند اللّه، فوقع الاحتراس بمجي ء الفاصلة، التي أخبر فيها سبحانه أنه قوي عزيز، قادر بقوته على كل شي ء ممتنع، وأن حزبه هو الغالب، وأنه لقدرته يجعل النصر للمؤمنين أفانين متنوعه.
الفوائد
- غزوة بني قريظة :
لما أراح اللّه عز وجل نبيه (صلّى اللّه عليه وسلّم) وأصحابه من الأحزاب، أراد أن يخلع لباس الحرب، فأوحي إليه أن ينهي حسابه مع بني قريظة، فقال لأصحابه : لا يصلينّ أحد منكم العصر إلا في بني قريظة، فساروا مسرعين، وتبعهم عليه الصلاة والسلام، ولواؤه بيد علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه، وخليفته على المدينة عبد اللّه بن أم مكتوم، وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف. وقد أدرك جماعة من الأصحاب صلاة العصر في الطريق، فصلاها بعضهم، حاملين الأمر على قصد السرعة، وآخرون لم يصلوها إلا في بني قريظة، بعد مضيّ وقتها، حاملين الأمر على ظاهره، فلم يعنف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) أحدا منهم. فلما بدا جيش المسلمين لبني قريظة، ألقى اللّه الرعب في قلوبهم، فحاصرهم المسلمون خمسا وعشرين ليلة، فعند ما يئسوا طلبوا من المسلمين أن ينزلوا على ما نزل عليه بنو النضير، من الجلاء بالأموال، وترك السلاح،


الصفحة التالية
Icon