ج ٢٣، ص : ١٧٢
وجملة :« يشاء... » لا محلّ لها صلة الموصول (من)، والعائد محذوف.
وجملة :« من يضلل اللّه... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ذلك هدى.
وجملة :« ما له من هاد » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
البلاغة
١ - وصف الواحد بالجمع : في قوله تعالى « مَثانِيَ » :
لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل، وتفاصيل الشي ء هي جملته لا غير، ألا تراك تقول : القرآن أسباع وأخماس، وسور وآيات، وكذلك تقول : أقاصيص وأحكام ومواعظ مكررات، ونظيره قولك : الإنسان عظام وعروق وأعصاب.
٢ - فائدة التكرير : وفائدته التثنية. والتكرير : ترسيخ الكلام في الذهن، فإن النفوس أنفر شي ء عن حديث الوعظ، فما لم يكرر عليها، عودا عن بدء، لم يرسخ فيها، ولم يعمل عمله، ومن ثم كانت عادة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح، ثلاث مرات، وسبعا، ليركزه في قلوبهم، ويغرسه في صدروهم.
٣ - التجسيد الحي : في قوله تعالى « تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ».
في هذا المقطع من الآية نكت بلاغية بديعة، وأهمها التجسيد الحي، حيث أراد سبحانه أن يجسد فرط خشيتهم، فعرض صورة في الجلد اليابس، وصورة من الشعر الواقف. ألا نقول : وقف شعر رأسه من الخوف، وفي ذكر الجلود وحدها أولا، وقرنها بالقلوب ثانيا، لأن الخشية التي محلها القلوب، مستلزمه لذكر القلوب، فكأنه قيل : تقشعر جلودهم، وتخشى قلوبهم في أول الأمر، فإذا ذكروا اللّه، وذكروا رحمته وسعتها، استبدلوا بالخشية رجاء في قلوبهم، وبالقشعريرة لينا في جلودهم.
وقيل : المعنى : أن القرآن لما كان في غاية الجزالة والبلاغة، فكانوا إذا رأوا عجزهم