ج ٢٣، ص : ٦٤
شبه برؤوس الشياطين دلالة على تناهيه في الكراهية وقبح المنظر، لأن الشيطان مكروه مستقبح في طباع الناس، لاعتقادهم أنه شر محض لا يخالطه خير، فيقولون في القبيح الصورة : كأنه وجه شيطان، كأنه رأس شيطان. وإذا صوّره المصورون : جاؤوا بصورته على أقبح ما يقدر وأهوله، كما أنهم اعتقدوا في الملك أنه خير محض لا شر فيه، فشبهوا به الصورة الحسنة. قال اللّه تعالى « ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ».
٣ - سر العطف بـ « ثم » : في قوله تعالى « ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ » سر لطيف المأخذ، دقيق المسلك، فإن في معنى التراخي وجهين : أحدهما، أنهم يملئون البطون من شجر الزقوم، وهو حارّ يحرق بطونهم ويعطشهم، فلا يسقون إلا بعد مليّ تعذيبا بذلك العطش، ثم يسقون ما هو أحرّ وهو الشراب المشوب بالحميم. والثاني : أنه ذكر الطعام بتلك الكراهة والبشاعة، ثم ذكر الشراب بما هو أكره وأبشع، فجاء بثم للدلالة على تراخي حال الشراب عن حال الطعام ومباينة صفته لصفته في الزيادة عليه.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٦٩ إلى ٧٠]
إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠)
الإعراب :
(ألفوا) ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. و(الواو) فاعل (ضالّين) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة :« إنّهم ألفوا... » لا محلّ لها استئناف تعليليّ.
وجملة :« ألفوا... » في محلّ رفع خبر إنّ.
(٧٠) - (الفاء) عاطفة (على آثارهم) متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ هم..