ج ٢٥، ص : ٧١
قوله تعالى، حكاية عن موسى :« قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى »، فجاء أول الكلام حكاية عن موسى إلى قوله (ولا ينسى)، ثم وقع الانتقال من كلام موسى إلى كلام اللّه تعالى، فوصف ذاته أوصافا متصلة بكلام موسى حتّى كأنه كلام واحد. وابتدأ في ذكر صفاته على لفظ الغيبة إلى قوله « فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى ».
٣ - سرّ الحال : في قوله تعالى « وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ».
فكم من راكب دابة عثرت به، أو شمست، أو تقحمت، أو طاح من ظهرها فهلك وكم من راكبين في سفينة انكسرت بهم فغرقوا، فلما كان الركوب مباشرة أمر مخطر، واتصالا بسبب من أسباب التلف كان من حق الراكب، وقد اتصل بسبب من أسباب التلف، أن لا ينسى عند اتصاله به شؤمه، وأنه هالك لا محالة، فمنقلب إلى اللّه غير منفلت من قضائه، ولا يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه، حتى يكون مستعدا للقاء اللّه بإصلاحه من نفسه.
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ١٥]
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥)
الإعراب :
(الواو) استئنافيّة (له) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (من عباده) متعلّق بـ (جعلوا)، (اللام) مزحلقة.
جملة :« جعلوا... » لا محلّ لها استئنافيّة « ١ ».
وجملة :« إنّ الإنسان لكفور... » لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ١٦]
أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦)
(١) يجوز أن تكون الجملة حالا بتقدير قد مرتبطة مع قوله تعالى : ولئن سألتهم... فهم ينقضون الاعتراف بربوبيّة اللّه بجعلهم بعض عباده منتسبين له.