ج ٢٩، ص : ١٢٣
البلاغة
السر في اختلاف صورة الكلام : في قوله تعالى « وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ». فإن ما قبل « أم » من الكلام صورة تخالف صورة ما بعدها، لأن الأولى فيها فعل الإرادة مبني للمجهول، والثانية فيها فعل الإرادة مبني للمعلوم.
والسبب الداعي إلى ذلك : الأدب مع اللّه سبحانه وتعالى، حيث لم يصرحوا بنسبة الشر إلى اللّه عز وجل، كما صرحوا به في الخير وإن كان فاعل الكل هو اللّه تعالى.
ولقد جمعوا بين الأدب وحسن الاعتقاد.
فن الإيضاح : في قوله تعالى « وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً ».
وهذا الفن هو حلّ للإشكال الوارد في ظاهر الكلام.
حيث أنّ اللّه سبحانه وتعالى وضّح - بعد أن ذكر الإيمان - أن المؤمن لا يخاف جزاء بخس ولا رهق، لأنه لم يبخس أحدا حقا ولا رهق [أي لم يغش ] ظلم أحد، فلا يخاف جزاءهما.
[سورة الجن (٧٢) : آية ٢٠]
قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠)
الإعراب :
(إنّما) كافّة ومكفوفة (الواو) عاطفة (لا) نافية (به) متعلّق بـ (أشرك)..
جملة :« قل... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة :« أدعوا... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة :« لا أشرك... » في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.


الصفحة التالية
Icon