واتفقوا على نصب "ميتةً"، إلا ابن عامر، فإنه رفع (١). وقد أشرنا إلى تعليل القراءتين آنفاً (٢).
﴿ أو دماً مسفوحاً ﴾ يعني: مصبوباً.
﴿ أو فسقاً ﴾ سمى سبحانه ما ذُبح باسم آلهتهم فسقاً؛ لتوغّله في الفسق الذي هو الخروج عن الطاعة.
وقوله: ﴿ أُهِلَّ ﴾ صفة منصوبة المحل (٣). وما لم أذكره هاهنا فقد سبق ذكره فيما مضى.

فصل


ذهب قوم من المفسِّرين إلى أن هذه الآية منسوخة بآية المائدة المشتملة على تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكلّ السبع (٤)، وبالأحاديث التي وردت في تحريم الحُمر الأهلية وكلِّ ذي ناب من السباع، ومِخْلَب (٥) من الطير. وهو مذهبٌ بعيدٌ من التحقيق والصواب، لأن المنخنقة وما بعدها من جملة الميتة، وأخبار الآحاد لا تَنْسَخُ القرآن، وإنما المعنى: لا أجد فيما أوحي إليّ من القرآن، أو لا أجد فيما أوحي إليّ من القرآن وغيره محرّماً، إلا أن يكون ميتة (٦).
(١) الحجة للفارسي (٢/٢٢١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٢٧٦)، والكشف (١/٤٥٦)، والنشر (٢/٢٦٦)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢١٩)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٧٢).
(٢) عند تفسير قوله تعالى: ﴿ وإن يكن ميتة ﴾ [الأنعام: ١٣٩].
(٣) انظر: الدر المصون (٢/٢٠٥).
(٤) كما جاء ذلك في الآية الثالثة من سورة المائدة.
(٥) المخلب: بكسر الميم، وهو للطائر والسباع بمنزلة الظفر للإنسان (اللسان، مادة: خلب).
(٦) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (١/٤٣٢)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: ٣٣٥-٣٣٦).
(١/٣٦)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon