لسعة رحمته، ولكنه أجّلكم إلى الوقت المقدر لعذابكم والانتقام منكم، ﴿ ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ﴾.
قوله تعالى: ﴿ سيقول الذين أشركوا ﴾ هذا إخبار من الله تعالى لنبيّه بما سيقوله المشركون، فلما قالوه، قال: ﴿ وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء ﴾ [النحل: ٣٥].
والمعنى: سيقول المشركون من عُبّاد الأصنام وغيرهم ﴿ لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء ﴾ يريدون: البحائر والسوائب.
قال الزجاج (١) : زعم سيبويه أن العطف بالظاهر على المضمر المرفوع في الفعل قبيح، يستقبح: قمت وزيد، فإن جاءت "لا" حَسُنَ الكلام فقلت: ما قمتُ ولا زيد.
والمعنى: لو شاء لحال بيننا وبين ذلك، ولكنه رضي منا ما نحن عليه من عبادة الأصنام وتحريم الحرث والأنعام. وهذه مجادلةٌ فاسدة؛ لأن لخصمِهم أن يقابل ما اعتلوا به من الشبه بمثله، ولا يلزم من ذلك كونه على الحق عندكم.
ثم إن الله أكذبهم فيما نسبوه إليه من الرضى بما هم عليه فقال: ﴿ كذلك كذب الذين من قبلهم ﴾ قال ابن عباس: قالوا لرسلهم مثل ما قال هؤلاء لك، ولو أن الله أكذبهم في نسبتهم المشيئة إليه لقال: ﴿ كذلك كَذَب ﴾ بالتخفيف (٢).
﴿ قل ﴾ لهم يا محمد على وجه التهكم بهم، ﴿ هل عندكم من علم ﴾ جاءكم به رسول أو نزل عليكم به كتاب، ﴿ فتخرجوه لنا إن تتبعون ﴾ فيما أنتم عليه من الدين

(١) معاني الزجاج (٢/٣٠٢).
(٢) الطبري (٨/٧٩)، وزاد المسير (٣/١٤٥).
(١/٤٢)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon