وقال الزجاج (١) : بمعنى: بل.
﴿ قل فأتوا بسورة مثله ﴾ شبيهة به في البلاغة وحسن النظم، فإنكم مثلي نسباً ولساناً ومنشأً، إن كان الأمر على ما تزعمونه من كوني افتريته، ﴿ وادعوا ﴾ أي: واستعينوا بمن ﴿ استطعتم من دون الله ﴾ على الإتيان بسورةٍ مثله، فإنه لا يقدر على ذلك إلا الله، ﴿ إن كنتم صادقين ﴾ أني افتريته.
﴿ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ﴾ أي: سارعوا إلى التكذيب بالقرآن في أول وهلة، قبل الوقوف والنظر في معجزه وتدبر ألفاظه الرصينة، ومعانيه الرزينة، فراراً منه، ونفوراً عنه؛ لما استقر في أنفسهم من حب الاقتداء بالآباء، وحسداً وعناداً للمخصوص من بينهم بمنصب الرسالة.
قال صاحب الكشاف (٢) : وقيل: هم الذين كذبوا وهم شاكّون.
وقيل: معنى قوله: "ولما يأتهم تأويله": ولم يأتهم بَعْدُ تَأْويلُ ما فيه من الإخبار بالغيوب، أي: عاقبته، حتى يتبين لهم أكذب هو أم صدق، يعني: أنه كتاب معجز من جهتين: من [جهة] (٣) إعجاز نظمه، ومن جهة ما فيه من الإخبار بالغيوب، فيسرعوا إلى التكذيب [به] (٤) قبل أن ينظروا في نظمه وبلوغ حدّ الإعجاز، وقبل أن يَخْبُرُوا إخباره بالمغيبات وصدقه وكذبه.
قيل لسفيان بن عيينة رحمه الله: الناس يقولون: كلُّ إنسان عدو ما جهل.
(٢)... الكشاف (٢/٣٣١).
(٣)... في الأصل: وجهة. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٤)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(١/٥٠)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------