نوح ﴿ من قبل ﴾ بعثة الرسل، يشير إلى تشابه قلوبهم في الكفر وتماثلهم في العناد.
وقيل: الضميران مُتَّحِدان، فما كان أولئك الأقوام ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل بعثة الرسل إليهم حين كانوا أهل جاهلية، يشير إلى تصميمهم على الكفر، وأن النذارة لم تؤثر فيهم خيراً، ولم تُثْنِهِم شيئاً عن غيّهم وجهلهم.
وقال مقاتل (١) : المعنى: فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من العذاب قبل نزوله.
فإن قيل: لم أدخل "به" هاهنا في قوله: ﴿ بما كذبوا به من قبل ﴾ ولم يدخل في الأعراف في قوله: ﴿ فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ﴾ ؟
قلتُ: لما صدر الكلام هاهنا بقوله: ﴿ فكذبوه فنجيناه ﴾ فذكر لـ"كذبوا" مفعولاً وقيّده، جاء بـ"كذبوا به" في سياق الكلام مقيّداً لما أطلق هناك في صدر الكلام، ولكن "كذبوا" ولم يقيده قال: "بما كذبوا من قبل" في سياق الكلام.
﴿ كذلك ﴾ أي: مثل ذلك الصنع المحكم ﴿ نطبع على قلوب المعتدين ﴾.
قوله تعالى: ﴿ ثم بعثنا من بعدهم ﴾ أي: من بعد الرسل الذين أرسلوا من بعد نوح ﴿ موسى وهارون إلى فرعون وملئه ﴾ أشراف قومه ﴿ بآياتنا ﴾ يريد الآيات التسع ﴿ فاستكبروا ﴾ أنفوا وتعظموا عن قبولها ﴿ وكانوا قوماً مجرمين ﴾ كافرين ذوي آثام عظام.
﴿ فلما جاءهم الحق من عندنا ﴾ أي: عرفوا أنه هو الحق وأنه من عند الله لا من قبل موسى وهارون، ﴿ قالوا ﴾ بهتاناً وعناداً وتمويهاً على الأغبياء منهم: ﴿ إن هذا لسحر مبين ﴾.

(١)... تفسير مقاتل (٢/١٠٠).
(١/٨٢)
---------***#@--فاصل_صفحات---@#***--------


الصفحة التالية
Icon