لا أكرمها أحداً، قَالَ: دونك هذه الدنانير، ثُمَّ انطلق فلحق بأرضه، فقام الآخر، فاستوى عَلَى رجليه ثُمَّ انطلق، فاشترى حماراً وأرساناً ثُمَّ جعل يستعرض تلك الأعاجم فيجزها، فيبيعه، ثُمَّ قَالَ: إِلَى متى هَذَا الشقاء؟ فعمد فباع ذَلِكَ الحمار وتلك الارسان واكتسى كسوة، ثُمَّ أتى باب الملك فجعل يشير عَلَيْهِمْ بالرأي وترتفع منزلته حتى انتهوا إِلَى بواب الفرخان الّذِي يليه، فقال لَهُ الفرخان: قد ذكر لي رجل عندك فَمَا هُوَ؟ قَالَ: مَا رأيت مثله قط ! قَالَ: ائتني به فكلمه، فأعجب به، قَالَ: إِنَّ بيت المقدس وتلك البلاد قد استعصوا علينا وإنا باعثون عَلَيْهِمْ بعثاً وإني باعث إِلَى البلاد مِنْ يختبرها، فنظر حينئذ إِلَى رجال مِنَ اهْل الأرب والمكيدة، فبعث جواسيس، فلما فصلوا إِذَا بختنصر قد أتى بخرجيه عَلَى بغلة، قَالَ: أين تريد؟، قَالَ: معهم، قَالَ: فألا آذنتني فأبعثك عَلَيْهِمْ؟، قَالَ: لا، حتى إِذَا وقعوا بالأرض، قَالَ: تفرقوا، وسأل بختنصر عَنِ افضل أَهْل البلد؟ فدل عليه فألقى خرجيه في داره قَالَ لصاحب المنزل: ألا تخبرني عَنِ اهْل بلادك، قَالَ: عَلَى الخبير سقطت هم قوم فيهم كتاب فلا يقيمونه وأنبياء فلا يطيعونهم وهم متفرقون، قَالَ بختنصر كالمتعجب منه: كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونه وهم متفرقون ! فكتبهن في ورقة وألقى خرجيه، وَقَالَ: ارتحلوا فأقبلوا حتى قدموا الفرخان فجعل يسأل كُلّ رجل منهم فجعل الرجل يَقُولُ: أتينا بلاد كذا ولها حصن كذا ولها نهر كذا، قَالَ: يا بختنصر، مَا تقول؟، قَالَ: قدمنا ارضاً علي قوم لَهُمْ كتاب لا يقيمونه وأنبياء لا يطيعونهم وهم متفرقون فأمر حينئذ فندب الناس وبعث إِلَيْهِمْ سبعين الفاً وامر عَلَيْهِمْ بختنصر، فساروا حتى إِذَا علوا في الأَرْض ادركهم البريد: إِنَّ الفرخان قد مات ولم يستخلف احداً، قَالَ: للناس مكانكم ثُمَّ أقبل عَلَى البريد حتى قدم عَلَى


الصفحة التالية
Icon