﴿المص﴾ سبق الكلام على معاني الحروف المقطعة في أوّل سورة البقرة وقوله تعالى:
﴿كتاب﴾ خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو أو هذا أو خبر المص والمراد بالكتاب السورة أو القرآن وقوله تعالى: ﴿أنزل إليك﴾ صفة والخطاب للنبيّ ﷺ ﴿فلا يكن في صدرك حرج﴾ أي: ضيق ﴿منه﴾ أي: لا يضيق صدرك بالإبلاغ وتأدية ما أرسلت به مخافة أن تكذب لأنه كان يخاف قومه وتكذيبهم له وإعراضهم عنه وأذاهم كان يضيق صدره من الأذى ولا ينبسط له فأمنه الله ونهاه عن المبالاة بهم، وقيل: الحرج الشك والخطاب للنبيّ ﷺ والمراد أمته وسمي الشك حرجاً لأنّ الشاك ضيق الصدر كما أنّ المتيقن منشرح الصدر وقوله تعالى: ﴿لتنذر﴾ متعلق بأنزل أي: للإنذار به ﴿وذكرى﴾ أي: وتذكرة ﴿للمؤمنين﴾ به وحذف المفعول يدل على عموم الرسالة لكل من أمكن إنذاره وتذكيره من العقلاء، قال بعض المفسرين: وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم تقديره كتاب أنزلناه إليك لتنذر به، وذكرى للمؤمنين فلا يكن في صدرك حرج منه ويدل لهذا تعلق لتنذر بأنزل وقوله تعالى:
﴿اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم﴾ يعني القرآن والسنة لقوله تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾ (النجم، الآيات: ٢ ـ ٣)
ولقوله تعالى: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ (الحشر، ٧)
أي: قل لهم يا محمد اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وذروا ما أنتم عليه من الشرك ﴿ولا تتبعوا من دونه﴾ أي: ولا تتخذوا من دون الله أي: غيره ﴿أولياء﴾ تطيعونهم من شياطين الإنس والجن فيأمروكم بعبادة الأصنام واتباع البدع والأهواء الفاسدة ﴿قليلاً ما تذكرون﴾ أي: تتعظون، وقرأ ابن عامر بياء قبل التاء وتخفيف الذال، وقرأ حفص وحمزة والكسائي بتخفيف الذال ولا ياء قبل التاء والباقون بتشديد الذال ولا ياء قبل التاء.
(١٥/٢٩٠)