وإذا دخل أهل النعيم الجنة ورأوا ما أعدّ الله تعالى لهم من النعيم قالوا: ﴿لقد جاءت رسل ربنا بالحق﴾ فاهتدينا بإرشادهم يقولون ذلك سروراً واعتباطاً بما نالوا وتلذذوا بالتكلم به وتبجحاً بأنّ ما علموه يقيناً في الدنيا صار لهم عين اليقين في الآخرة، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار الدال والباقون بالإدغام ﴿ونودوا﴾ إذا رأوها من بعيد أو بعد دخولها والمنادي هو الله تعالى أو الملائكة ينادون بأمر الله تعالى ﴿أن تلكم الجنة﴾ التي كانت الرسل وعدتكم بها في الدنيا.
وروي أنّ رسول الله ﷺ قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى منادٍ إنّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وإنّ لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وإنّ لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً وإنّ لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً» فذلك قوله تعالى: ﴿ونودوا أن تلكم الجنة﴾ ﴿أورثتموها﴾ أي: أعطيتموها ﴿بما كنتم تعملون﴾ أي: بسبب أعمالكم الصالحة التي عملتموها لأنّ الجنة جعلت جزاء وثواباً لكم على الأعمال الصالحة ولا يعارض هذا ما ورد عنه ﷺ أنه قال: «لن يدخل الجنة أحد بعمله إنما يدخلونها برحمة الله تعالى» فإنّ الباء في الحديث للعوض وهي الداخلة على الأثمان نحو شريت الفرس بألف فلا تكون الجنة مشتراة له بعمله فيكون عمله ثمناً لها أو إنّ دخول الجنة برحمة الله واقتسام الدرجات بالأعمال أو أنّ العمل الصالح لن يناله المؤمن ولن يبلغه إلا برحمة الله وتوفيقه وإذا كان العمل الصالح بسبب الرحمة كان دخول الجنة في الحقيقة برحمة الله وجعلها الله تعالى ثواباً وجزاء لهم على تلك الأعمال الصالحة التي عملوها في دار الدنيا.
(١٥/٣٢٣)


الصفحة التالية
Icon