﴿وإلى مدين﴾ أي: وأرسلنا إلى ولد مدين بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ﴿أخاهم﴾ في النسب لا في الدين ﴿شعيباً﴾ بن ميكيل بن يشجر بن مدين وكان يقال له: خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه عليه السلام وكان قومه أهل كفر وبخس للمكيال والميزان ﴿قال﴾ أي: شعيب عليه السلام ﴿يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد جاءتكم بينة﴾ أي: معجزة تدلّ على صدق ما جئت به ﴿من ربكم﴾ أوجبت عليكم الإيمان بي والأخذ بما آمركم به.
(١٥/٣٦٥)
فإن قيل: ما كانت معجزته إذ لم تذكر له معجزة؟ أجيب: بأنه قد وقع العلم بأنه كان له معجزة لقوله: ﴿قد جاءتكم بينة من ربكم﴾ ولأنه لا بدّ لمدّعي النبوّة من معجزة تشهد له وتصدّقه وإلا لم تصح دعواه وكان متنبئاً لا نبياً غير أنّ معجزته لم تذكر في القرآن كما لم تذكر أكثر معجزات نبينا ﷺ فيه ومن معجزات شعيب عليه السلام الواردة في غير القرآن ما روي من محاربة عصا موسى التنين حين دفع إليه الغنم وولادة الغنم الدرع حين وعده أن يكون له الدرع من أولادها والدرع بوزن الصرد وهي الغنم التي أوائلها سواد وأواخرها بياض ووقوع عصا آدم عليه السلام على يده في المرات السبع وغير ذلك من الآيات لأن هذه كلها كانت قبل أن يستنبأ موسى عليه السلام فكانت معجزة لشعيب وهذا أولى من جعله كرامة لموسى أو إرهاصاً وهو علامة تظهر قبل النبوّة وقيل: أراد بالبينة الموعظة وهي قوله تعالى: ﴿فأوفو الكيل والميزان﴾ أي: أتموهما ﴿ولا تبخسوا﴾ أي: تنقصوا ﴿الناس أشياءهم﴾ فتطففوا الكيل والوزن يقال: بخس فلان الكيل والوزن إذا نقصه وطففه.
(١٥/٣٦٦)


الصفحة التالية
Icon