فإن قيل: هلا قال المكيال والميزان كما في سورة هود؟ أجيب: بأنه أراد بالكيل آلة الكيل وهو المكيال أو سمى ما يكال به بالكيل، أو أريد وأوفوا كيل المكيال ووزن الميزان وإنما قال ﴿أشياءهم﴾ لأنهم كانوا يبخسون الناس كل شيء في مبايعاتهم أو كانوا مكاسين لا يدعون شيئاً إلا مكسوه كما يفعل أمراء الجور ﴿ولا تفسدوا في الأرض﴾ أي: بالكفر والمعاصي ﴿بعدإصلاحها﴾ أي: بعدما أصلح أمرها وأهلها الأنبياء وأتباعهم بالشرائع ﴿ذلكم﴾ أي: الذي ذكرت لكم وأمرتكم به من الإيمان ووفاء الكيل والميزان وترك المظالم والبخس ﴿خير لكم﴾ أي: مما أنتم عليه من الكفر وظلم الناس ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ أي: مصدّقين بما أقول لكم ومعنى ﴿خير لكم﴾ أي: في الإنسانية وحسن ما يتحدّث به وجمع المال لأنّ الناس ترغب في متاجرتكم إذا عرفوا منكم الأمانة والتسوية.
﴿ولا تقعدوا بكل صراط﴾ أي: طريق من طرف الدين ﴿توعدون﴾ أي: تمنعون الناس من الدخول فيه وتهدّدونهم على ذلك وذلك أنهم كانوا يجلسون على الطرقات فيخبرون من أتى عليهم أنّ شعيباً الذي تريدونه كذاب فلا يفتنكم عن دينكم وقيل: كانوا يقطعون الطريق على الناس أو يقعدون لأخذ المكس منهم وقوله تعالى: ﴿وتصدّون﴾ أي: تصرفون الناس ﴿عن سبيل الله﴾ أي: دينه ﴿من آمن به﴾ دليل على أنّ المراد بالطريق سبيل الحق.
فإن قيل: صراط الحق واحد قال تعالى: ﴿وأنّ هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾ (الأنعام، ١٥٣)
(١٥/٣٦٧)


الصفحة التالية
Icon