﴿ثم بدّلنا مكان السيئة الحسنة﴾ أي: أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والشدّة السلامة والسعة كقوله تعالى: ﴿وبلوناهم بالحسنات والسيئات﴾ (الأعراف، ١٦٨)
فأخبر الله تعالى بهذه الآية أنه يأخذ أهل المعاصي والكفر تارة بالشدة وتارة بالرخاء على سبيل الاستدراج وهو قوله تعالى: ﴿حتى عفوا﴾ أي: كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم يقال: عفا الشعر إذا كثر وطال ومنه قوله ﷺ «وأعفوا اللحى» أي: وفروها وأكثروا شعرها ﴿وقالوا﴾ كفراً للنعمة ﴿قد مس آباءنا الضرّاء والسرّاء﴾ وهذه عادة الدهر قديماً وحديثاً لنا ولآبائنا ولم يكن ما مسنا من الشدّة والضرّاء عقوبة لنا من الله تعالى على ما نحن عليه فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم من قبل فإنهم لم يتركوا دينهم لما أصابهم من الضراء والسراء قال الله تعالى: ﴿فأخذناهم بغتة﴾ أي: فجأة أينما كانوا ليكون ذلك أعظم لحسرتهم ﴿وهم لا يشعرون﴾ أي: بنزول العذاب بهم والمراد بذكر هذه القصة وغيرها من القصص اعتبار من سمعها لينزجر عما هو عليه من الذنوب ويرجع إلى الله تعالى ويزداد الذين آمنوا إيماناً.
(١٥/٣٧٣)
﴿ولو أنّ أهل القرى﴾ أي: المكذبين ﴿آمنوا﴾ أي: بالله ورسوله ﴿واتقوا﴾ أي: الشرك والمعاصي ﴿لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾ أي: لأتيناهم بالخير من كل جهة، وقيل: بركات السماء المطر وبركات الأرض النبات والثمار والأنعام وجميع ما فيها من الخيرات وكل ذلك من فضل الله تعالى وإحسانه وإنعامه على عباده. وقرأ ابن عامر بتشديد التاء والباقون بالتخفيف ﴿ولكن كذبوا﴾ أي: فعلنا بهم ذلك ليؤمنوا فما آمنوا ولكن كذبوا الرسل ﴿فأخذناهم﴾ أي: عاقبناهم بأنواع العذاب ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كانوا يكسبون﴾ من الكفر والمعاصي.
وقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon