﴿لأقطعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف﴾ أي: يخالف الطرف الذي تقطع منه اليد الطرف الذي تقطع منه الرجل، قال الكلبي: لأقطعنّ أيديكم اليمنى وأرجلكم اليسرى ﴿ثم لأصلبنكم﴾ أي: أعاقبكم ممددة أيديكم لتصير على هيئة الصليب أو حتى يتقاطر صليبكم وهو الدهن الذي فيكم ﴿أجمعين﴾ أي: لا أترك منكم أحداً تفضيحاً لكم وتنكيلاً لأمثالكم قال ابن عباس: أوّل من صلب وقطع الأيدي والأرجل فرعون أي: إنه أوّل من سنّ ذلك فشرعه الله تعالى للقطاع تعظيماً لجرمهم ولذلك سماه محاربة الله ورسوله ولكن على التعاقب لفرط رحمته.
﴿قالوا﴾ أي: السحرة مجيبين لفرعون حين وعدهم بما ذكر ﴿إنا إلى ربنا﴾ بعد موتنا على أيّ وجه كان ﴿منقلبون﴾ أي: راجعون إليه في الآخرة.
(١٥/٣٩٠)
﴿وما تنقم﴾ أي: تنكر ﴿منا﴾ أي: في فعلك ذلك بنا وتعيب علينا ﴿إلا أن آمنا﴾ أي: إلا ما هو أصل المفاخر كلها وهو الإيمان ﴿بآيات ربنا لما جاءتنا﴾ لم نتأخر عن معرفة الصدق وهذا موجب الإكرام لا الإنتقام ثم فزعوا إلى الله تعالى فقالوا: ﴿ربنا أفرغ علينا صبراً﴾ عندما توعدهم فرعون به أي: اصبب علينا صبراً كاملاً تاماً ولهذا أتى بلفظ التنكير أي: صبراً وأيّ صبر عظيم ﴿وتوفنا مسلمين﴾ أي: واقبضنا على دين الإسلام وهو دين خليلك عليه السلام قال ابن عباس: كانوا في أوّل النهار سحرة وفي آخر النهار شهداء، قال الطيبيّ: إنّ فرعون قطع أيديهم وأرجلم وصلبهم، وقال غيره: إنه لم يقدر عليهم لقوله تعالى: ﴿بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون﴾ (القصص، ٣٥).


الصفحة التالية
Icon