وقال البيضاوي إنه خطاب لأهل مكة عن سبيل التهكم اه. ويدل له قوله تعالى: ﴿وإن تنتهوا﴾ أي: عن الكفر ومعاداة رسول الله ﷺ ﴿فهو خير لكم﴾ أي: لتضمنه سلامة الدارين وخير المنزلتين ﴿وإن تعودوا﴾ أي: لقتال النبيّ ﷺ ﴿نعد﴾ أي: لنصرته عليكم ﴿ولن تغني﴾ أي: تدفع ﴿عنكم فئتكم﴾ أي: جماعتكم ﴿شيئاً﴾؛ لأنّ الله تعالى على الكافرين فيخذلهم ﴿ولو كثرت﴾ فئتكم ﴿وإنّ الله مع المؤمنين﴾ بالنصر والمعونة، وقرأ نافع وابن عامر وحفص بفتح الهمزة على ولأنّ الله تعالى والباقون بالكسر على الاستئناف.
﴿يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا﴾ أي: تعرضوا ﴿عنه﴾ أي: الرسول ﷺ بمخالفة أمره، فإنّ المراد من الآية الأمر بطاعته والنهي عن الإعراض عنه، وذكر طاعة الله للتوطئة والتنبيه على أنّ طاعة الله في طاعة الرسول لقوله تعالى: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ (النساء، ٨٠)
وقيل: الضمير للجهاد ﴿وأنتم تسمعون﴾ أي: القرآن والمواعظ سماع فهم وتصديق.
﴿ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا﴾ أي: بألسنتهم ﴿وهم لا يسمعون﴾ سمعاً ينتفعون به، وهذه صفة المنافقين.
﴿إنّ شر الدواب عند الله﴾ أي: إنّ شر من دب على وجه الأرض من خلق الله عنده ﴿الصم﴾ عن سماع الحق ﴿البكم﴾ عن النطق بالحق فلا يقولونه ﴿الذين لا يعقلون﴾ أمر الله، وسماهم دواب لقلة انتفاعهم بعقولهم كما قال تعالى: ﴿أولئك كالأنعام بل هم أضل﴾ (الأعراف، ١٧٩)
قال ابن عباس: هم نفر من بني عبد الدار بن قصي كانوا يقولون: نحن صم بكم عما جاء به محمد، فقتلوا جميعاً بأحد وكانوا أصحاب اللواء، ولم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عمير وسويبط بن حرملة.
(١٦/٣٤)


الصفحة التالية
Icon