﴿ولو ترى﴾ أي: عاينت وشاهدت يا محمد ﴿إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة﴾ أي: بقبض أرواحهم عند الموت ﴿يضربون وجوههم وأدبارهم﴾ أي: ظهورهم وأستاههم، قال البيضاويّ: ولعلّ المراد تعميم الضرب أي: يضربون ما أقبل منهم وما أدبر بمقامع من حديد ﴿و﴾ يقولون لهم: ﴿ذوقوا عذاب الحريق﴾ أي: النار.
قال ابن عباس: كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيف، وإذا ولوا ضربوا أدبارهم، فلا جرم قابلهم الله بمثله في وقت نزع الروح، وجواب لو محذوف، والتقدير لرأيت منظراً هائلاً وأمراً فظيعاً وعقاباً شديداً، والملائكة مرفوع بالفعل ويضربون حال منهم ويجوز أن يكون في قوله: يتوفى ضمير الله تعالى والملائكة مرفوعة بالابتداء ويضربون خبر.
﴿ذلك﴾ أي: الذي نزل بكم من القتل والضرب والحريق ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿قدّمت﴾ أي: كسبت ﴿أيديكم﴾ من الكفر والمعاصي، وإنما عبر بالأيدي دون غيرها لأنّ أكثر الأفعال تزاول بها والتحقيق إنّ الإنسان جوهر واحد وهو الفعال وهو الدراك وهو المؤمن وهو الكافر وهو المطيع وهو العاصي وهذه الأعضاء آلة له وأدوات في الفعل فأضيف الفعل في الظاهر إلى الآلة وهو في الحقيقة مضاف إلى جوهر ذات الإنسان ﴿وأنّ الله ليس بظلام للعبيد﴾ فلا يعذب أحداً من خلقه بغير ذنب وظلام للتكثير لأجل العبيد أي: أنه بمعنى ذي ظلم.
(١٦/٦٤)