(١٦/١٣١)
الإنجيل على سبيل التشريف ثم إنّ القوم لأجل عداوة القوم بالغوا وفسروا لفظ الابن بالبنوّة الحقيقية والجهال قبلوا ذلك وفشا هذا المذهب الفاسد في اتباع عيسى عليه السلام والله سبحانه وتعالى أعلم بالحقيقة ﴿ذلك قولهم بأفواههم﴾ أي: لا مستند لهم عليه.
فإن قيل: كل قول يقال بالفم فما معنى بأفواههم؟ أجيب: بأنه قول لا يعضده برهان فما هو إلا لفظ تفوهوا به فارغ من معنى تحته كالألفاظ المهملة التي لا تدل على معان وذلك أنّ القول الدالّ على معنى لفظه مقول بالفم ومعناه مؤثر في القلب وما لا معنى له مقول بالفم لا غير أو بأن يراد بالقول المذهب كقولهم قول الشافعيّ رحمه الله تعالى يريدون مذهبه وما يقول به كأنه قيل: ذلك مذهبهم ودينهم بأفواههم لا بقلوبهم لأنه لا حجة معه ولا شبهة حتى تؤثر في القلوب وذلك أنهم إذا اعترفوا أنه لا صاحبة له ولا ولد لم تكن لهم شبهة في انتفاء الولد قال أهل المعاني: لم يذكر الله تعالى قولاً مقروناً بالأفواه والألسن إلا كان ذلك زوراً ﴿يضاهون﴾ قال ابن عباس: يشابهون، وقال مجاهد: يواطئون، وقال الحسن: يوافقون ﴿قول الذين كفروا من قبل﴾ أي: من قبلهم ولا بدّ من حذف مضاف تقديره يضاهي قولهم قول الذين كفروا ثم حذف المضاف وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه فانقلب مرفوعاً والمعنى أنّ الذين كانوا في عهد رسول الله ﷺ من اليهود والنصارى يضاهي قولهم قول قدمائهم فالكفر قديم فيهم غير مستحدث أو يضاهي قول المشركين: الملائكة بنات الله، وقيل: الضمير للنصارى أي: يضاهي قولهم: المسيح ابن الله قول اليهود عزير ابن الله لأنهم أقدم منهم. وقرأ عاصم بكسر الهاء وبعدها همزة مضمومة والباقون بضمّ الهاء ولا همز بعدها وقوله تعالى: ﴿قاتلهم الله﴾ دعاء عليهم بالهلاك فإنّ من قاتله الله تعالى هلك أو تعجب من شناعة قولهم كما يقال لمن فعل فعلاً يتعجب منه قاتله الله ما أعجب فعله وقيل: لعنهم الله.


الصفحة التالية
Icon