﴿يأيها الذين آمنوا إنّ كثيراً من الأحبار﴾ أي: علماء اليهود ﴿والرهبان﴾ أي: عباد النصارى ﴿ليأكلون﴾ أي: يتناولون ﴿أموال الناس بالباطل﴾ كالرشا وإنما عبر بالأكل لأنه معظم المراد من المال وإشارة إلى تحقير الأحبار والرهبان بأن يفعلوا ما ينافى مقامهم الذي أقاموا أنفسهم فيه بإظهار الزهد والمبالغة في التدين قال الرازي: ولعمري من تأمّل أحوال الناس في زماننا وجد هذه الآيات كأنها ما أنزلت إلا في شأنهم وشرح أحوالهم فترى الواحد منهم يدعي أنه لا يلتفت إلى الدنيا ولا يتعلق خاطره بجميع المخلوقات وأنه في الطهارة والعظمة مثل الملائكة المقرّبين حتى إذا آل الأمر إلى الرغيف الواحد تراه يتهالك عليه ويحمل نهاية الذل والدناءة في تحصيله ﴿ويصدّون﴾ الناس ﴿عن سبيل الله﴾ أي: دينه ولما كان مطلوب الخلق في الدنيا المال والجاه بين تعالى في صفة الأحبار والرهبان كونهم مشغوفين بهذين الأمرين أمّا المال فهو المراد بقوله تعالى: ﴿ليأكلون أموال الناس بالباطل﴾ (التوبة، ٣٤)
(١٦/١٣٨)


الصفحة التالية
Icon