وهو مؤنث فيقال : قدم حسنة وقدم صالحة. وقوله تعالى: ﴿قال الكافرون إنَّ هذا لسحر مبين﴾ قرأه نافع وأبو عمرو وابن عامر بكسر السين وسكون الحاء على أنَّ الإشارة للقرآن المشتمل على ذلك، والباقون بفتح السين وألف بعدها وكسر الحاء على أنّ الإشارة للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
﴿إنّ ربكم﴾ الموجد لكم والمربي والمحسن هو ﴿الله الذي خلق﴾ أي: قدّر وأوجد ﴿السموات والأرض﴾ على اتساعهما، وكثرة ما فيهما من المنافع ﴿في ستة أيام﴾ من أيام الدنيا، أي: في قدرها؛ لأنه لم يكن ثمّ شمس، ولو شاء لخلقهما في لمحة، والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت. فإن قيل: إنّ اليوم قد يراد به اليوم مع ليلته، وقد يراد به النهار وحده. فما المراد؟ أجيب: بأنّ الغالب في اللغة أنه مراد باليوم اليومَ بليلته، ولما أوجد سبحانه وتعالى هذا الخلق الكبير المتباعد الأقطار، الواسع الانتشار، المفتقر إلى عظيم التدبير، ولطيف التصريف والتقدير؛ عبّر سبحانه وتعالى عن عمله فيه عمل الملوك في ممالكهم بقوله مشيراً إلى عظمته بأداة التراخي: ﴿ثم استوى﴾ أي: عمل في تدبيره وإتقان ما فيه وإحكامه عمل المعتني بذلك. ﴿على العرش﴾ المتقدّم وصفه في الأعراف بالعظمة، وليست ثم للترتيب، بل كناية عن علوِّ الرتبة، وبعد منازلها، ثم بيّن ذلك الاستواء بقوله: ﴿يدبر الأمر﴾ كله فلا يخفى عليه عاقبة أمر من الأمور؛ لأنَّ التدبير أعدل أحوال الملك، فالاستواء كناية عنه. وقوله تعالى: ﴿ما من شفيع إلا من بعد إذنه﴾ تقرير لعظمته جل وعلا، وردّ على من زعم أنَّ آلهتهم تشفع لهم عند الله. وفيه إثبات الشفاعة لمن أذن له ﴿ذلكم الله﴾ أي: الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهية والربوبية ﴿ربكم﴾ أي: الذي يستحق العبادة منكم. ﴿فاعبدوه﴾ أي: وحّدوه ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك أو إنسان، فضلاً عن جماد لا يضرّ ولا ينفع، فإنَّ عبادتكم مع التشريك ليست عبادة، ولولا فضله لم يكن لمن زلّ أدنى زلة طاعة، وقوله


الصفحة التالية
Icon