(٣/١١٠)
وسلم حكى عنهم نوعاً آخر بقوله تعالى:
﴿ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى﴾ مجيء ﴿أمّة﴾ أي: جماعة من الأوقات ﴿معدودة﴾ أي: قليلة ﴿ليقولنّ﴾ أي: استهزاء ﴿ما يحبسه﴾ أي: ما يمنعه من الوقوع قال الله تعالى: ﴿ألا يوم يأتيهم﴾ كيوم بدر ﴿ليس مصروفاً﴾ أي: مدفوعاً العذاب ﴿عنهم وحاق﴾ أي: نزل ﴿بهم﴾ من العذاب ﴿ما كانوا به يستهزؤون﴾ أي: الذي كانوا يستعجلون، فوضع يستهزؤون موضع يستعجلون؛ لأنّ استعجالهم كان استهزاء. فإن قيل: لم قال تعالى: وحاق على لفظ الماضي مع أنّ ذلك لم يقع؟ أجيب: بأنه وضع الماضي موضع المستقبل تحقيقاً ومبالغة في التأكيد والتقرير والتهديد. ولما ذكر تعالى أنّ عذاب الكفار وإن تأخر إلا أنه لا بدّ وأن يحيق بهم ذكر بعده ما يدل على كفرهم وعلى كونهم مستحقين لذلك العذاب بقوله تعالى:
﴿ولئن أذقنا﴾ أي: أعطينا ﴿الإنسان﴾ أي: الكافر ﴿منا رحمة﴾ أي: نعمة كغنى وصحة بحيث يجد لذتها ﴿ثم نزعناها﴾ أي: سلبنا تلك النعمة ﴿منه إنه ليؤس﴾ أي: قنوط من رحمة الله تعالى لقلة صبره وعدم ثقته به ﴿كفور﴾ أي: جحود لنعمتنا عليه، وأمّا المسلم الذي يعتقد أنّ تلك النعمة من جود الله وفضله وإحسانه فإنه لا يحصل له اليأس بل يقول: لعله تعالى يردها عليّ بعد ذلك أحسن وأكمل وأفضل مما كانت.
(٣/١١١)