﴿ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم﴾ أي: يضلكم وجواب الشرط محذوف دل عليه ولا ينفعكم نصحي. وتقدير الكلام: إن كان الله يريد أن يغويكم فإن أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحي، فهو من باب اعتراض الشرط. على الشرط ونظير ذلك ما لو قال رجل لزوجته: أنت طالق إن دخلت الدار إن كلمت زيداً، فدخلت ثم كلمت لم تطلق فيشترط في وجوب الحكم وقوع الشرط الثاني قبل وقوع الأوّل. وفي الآية دليل على أنّ الله تعالى قد يريد الكفر من العبد فإنه إذا أراد منه ذلك فإنه يمتنع صدور الإيمان منه ﴿هو ربكم﴾ أي: خالقكم والمتصرف فيكم وفق إرادته ﴿وإليه ترجعون﴾ فيجازيكم على أعمالكم قال تعالى: ﴿أم﴾ أي: بل ﴿يقولون افتراه﴾ أي: اختلقه وجاء به من عند نفسه، والهاء ترجع إلى الوحي الذي بلغه إليهم ﴿قل﴾ لهم ﴿إن افتريته فعليّ إجرامي﴾ وهذا من باب حذف المضاف؛ لأنّ المعنى فعليّ إثم إجرامي، والإجرام اقتراف المحظور. وفي الآية محذوف آخر وهو أنّ المعنى إن كنت افتريته فعليّ عقاب جرمي وإن كنت صادقاً وكذبتموني فعليكم عقاب ذلك التكذيب، إلا أنه حذف هذه البقية لدلالة الكلام عليها ﴿وأنا بريء مما تجرمون﴾ أي: من عقاب جرمكم في إسناد الافتراء إليّ.
(٣/١٣١)


الصفحة التالية
Icon