﴿حتى إذا جاء أمرنا﴾ أي: بإهلاكهم غاية لقوله ويصنع الفلك، وما بينهما حال من الضمير فيه أو حتى هي التي يبتدأ بعدها الكلام. واختلف في التنور في قوله تعالى: ﴿وفار التنور﴾ فقال عكرمة والزهريّ: هو وجه الأرض. وذلك أنه قيل لنوح عليه السلام إذا رأيت الماء فار على وجه الأرض فاركب السفينة. وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: فار التنور وقت طلوع الفجر ونور الصبح. وقال الحسن ومجاهد والشعبيّ: أنه التنور الذي يخبز فيه. وهو قول أكثر المفسرين ورواية عطية وابن عباس: لأنه حمل الكلام على حقيقته، ولفظ التنور حقيقته هو الموضع الذي يخبز فيه وهو قول أكثر المفسرين فوجب حمل اللفظ عليه، وهؤلاء اختلفوا فمنهم من قال: إنه تنور لنوح. ومنهم من قال: إنه كان لآدم عليه السلام. قال الحسن: كان تنوراً من حجارة كانت حواء تخبز فيه فصار إلى نوح فقيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب السفينة أنت وأصحابك. واختلفوا أيضاً في موضعه فقال مجاهد والشعبيّ: كان في ناحية الكوفة، وكان الشعبيّ يحلف بالله ما فار التنور إلا من ناحية الكوفة، وقال: اتخذ نوح السفينة في جوف مسجد الكوفة، وكان التنور على يمين الداخل مما يلي باب كندة، وكان فوران الماء منه علماً لنوح. وقال مقاتل: كان تنور آدم عليه السلام وكان بالشأم بموضع يقال له عين وردة. وروي عن ابن عباس أنه كان بالهند، ومعنى فار نبع على قوّة وشدّة تشبيهاً بغليان القدر عند قوّة النار، ولا شبهة أنّ التنور لا يفور.
(٣/١٣٦)


الصفحة التالية
Icon