والمراد: فار الماء من التنور فلما فار أمر الله تعالى نوحاً عليه السلام أن يحمل في السفينة ثلاثة أنواع من الأشياء الأول قوله تعالى: ﴿قلنا احمل فيها﴾ أي: السفينة ﴿من كل زوجين اثنين﴾ والزوجان عبارة عن كل شيئين يكون أحدهما ذكراً والآخر أنثى، والتقدير من كل شيئين هما كذلك، فاحمل منهما في السفينة اثنين واحد ذكر وواحد أنثى. وفي القصة أنّ نوحاً عليه السلام قال: يا رب كيف احمل من كل زوجين اثنين، فحشر الله تعالى إليه السباع والطير، فجعل يضرب بيديه في كل جنس فيقع الذكر في يده اليمنى والأنثى في يده اليسرى، فيحملهما في السفينة. وقرأ حفص بتنوين لام كل، أي: واحمل من كل شيء زوجين اثنين: الذكر زوج والأنثى زوج. فإن قيل: ما الفائدة في قوله زوجين اثنين والزوجان لا يكونان إلا اثنين؟ أجيب: بأنّ هذا على مثال قوله تعالى: ﴿لا تتخذوا إلهين اثنين﴾ (النحل، ٥١). وقوله تعالى: ﴿نفخة واحدة﴾ (الحاقة، ١٣) والباقون بغير تنوين فهذا السؤال غير وارد، النوع الثاني من الأشياء التي أمر الله تعالى نوحاً عليه السلام أن يحملها في السفينة قوله تعالى: ﴿وأهلك﴾ وهم أبناؤه وزوجته. وقوله تعالى: ﴿إلا من سبق عليه القول﴾ بأنه من المغرقين وهو ابنه كنعان وأمّه راعلة وكانا كافرين حكم الله تعالى عليهما بالهلاك بخلاف سام وحام ويافث وزوجاتهم ثلاثة وزوجته المسلمة.
(٣/١٣٧)


الصفحة التالية
Icon