(٣/٢٢٦)
والقمر والكواكب تخلصك وتؤنسك فقال: إني لم أر شيئاً فألقوه فيها، وكان في البئر ماء فسقط فيه، ثم أوى إلى صخرة كانت في البئر فقام عليها فنادوه فظنّ أنها رحمة أدركته فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بصخرة ليقتلوه، فمنعهم يهوذا من ذلك وكان يهوذا يأتيه بالطعام وبقي فيها ثلاث ليال.
﴿وأوحينا إليه﴾ في الجب في صغره وهو ابن سبع عشرة سنة أو دونها كما أوحى إلى يحيى وعيسى عليهما السلام في صغرهما، وفي القصص أنّ إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار جرّد عن ثيابه فأتاه جبريل عليه السلام بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه ودفعه إبراهيم عليه السلام إلى إسحاق وإسحاق إلى يعقوب، فجعله يعقوب في تميمة علقها بيوسف فأخرجها جبريل وألبسه إياها ﴿لتنبئنهم﴾، أي: لتخبرنهم بعد هذا اليوم ﴿بأمرهم﴾، أي: بصنعهم ﴿هذا وهم لا يشعرون﴾، أي: أنك يوسف لعلوّ شأنك وبعده عن أوهامهم وطول العهد المغير للهيئات كما قال تعالى: ﴿فعرفهم وهم له منكرون﴾ (يوسف، ٥٨) والمقصود من ذلك تقوية قلبه وأنه سيخلص مما هو فيه من المحنة، ويصير مستولياً عليهم، ويصيرون تحت أمره ونهيه وقهره. روي أنهم لما دخلوا عليه لطلب الحنطة عرفهم وهم له منكرون ودعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطنّ فقال: إنه ليخبرني هذا الجام إنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف فطرحتموه وقلتم لأبيكم: أكله الذئب، وقيل: لا يشعرون بإيحائنا إليك وأنت في البئر بأنك ستخبرهم بصنيعهم هذا، والفائدة في إخفاء ذلك الوحي عنهم أنهم لو عرفوه فربما ازداد حسدهم وكانوا يقصدون قتله، وقيل: إنّ المراد من هذا الوحي الإلهام كما في قوله تعالى ﴿وأوحينا إلى أمّ موسى﴾ (القصص، ٧) وقوله تعالى: ﴿وأوحى ربك إلى النحل﴾ (النحل، ٦٨) ﴿و﴾ لما كان من المعلوم أنه ليس بعد هذا الفعل الذي فعلوه إلا الاعتذار ﴿جاؤوا أباهم﴾ دون يوسف ﴿عشاءً﴾ في ظلمة الليل لئلا يتفرس أبوهم في وجوههم إذا رآها في ضياء النهار ضدّ ما


الصفحة التالية
Icon