وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص برفع العين واللام والنون الثانية من صنوان والراء من غير مع التنوين في العين واللام والنون، وعدم التنوين في الراء، والباقون بالخفض في الأربعة وعدم التنوين في الراء. ولما كان الماء بمنزلة الأب والأرض بمنزلة الأم وكان الاختلاف مع اتحاد الأب والأم أعجب وأدل على الإسناد إلى الواحد المسبب لا إلى شيء من الأسباب قال: ﴿تسقى﴾ قراءة ابن عامر وعاصم بالياء على التذكير، أي: المذكور، وقراءة الباقين بالتاء على التأنيث، أي: الجنات وما فيها ﴿بماء واحد﴾ فتخرج أغصانها وثمراتها في وقت معلوم لا تتأخر عنه، ولا تتقدّم، والماء جسم رقيق مائع به حياة كل نام، وقيل في حدّه: جوهر سيال به قوام الأرواح ﴿ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾، أي: في الطعم ما بين حلو وحامض وغير ذلك. وفي الشكل والرائحة والمنفعة وغير ذلك، وذلك أيضاً مما يدل على القادر الحكيم، فإنّ اختلافها مع اتحاد الأصول والأسباب لا يكون إلا بتخصيص قادر مختار، قال مجاهد: وذلك كمثل بني آدم صالحهم وخبيثهم وأبوهم واحد. وقال الحسن: هذا مثل ضربه الله تعالى لقلوب بني آدم وكانت الأرض طينة واحدة في يد، أي: في قدرة الرحمن فسطحها فصارت قطعاً متجاورات، فينزل عليها الماء من السماء، فتخرج هذه زهرتها وشجرها وثمرها ونباتها، وتخرج هذه سبخها وملحها وخبيثها وكل يسقى بماء واحد، وكذلك الناس خلقوا من آدم، فينزل عليهم من السماء تذكرة فترق قلوب قوم فتخشع وتخضع، وتقسو قلوب قوم فتلهو ولا تسمع.
(٣/٣٥٠)