قال أبو حيان: مضمحلاً، أي: متلاشياً لا منفعة فيه ولا بقاء له. وقال ابن الأنباري: متفرّقاً، وانتصابه على الحال. ﴿وأما ما ينفع الناس﴾ من الماء ومن الجواهر الذي هو مثل الحق. ﴿فيمكث في الأرض﴾، أي: يثبت ويبقى لينتفع به أهلها ﴿كذلك﴾، أي: مثل ذلك الضرب ﴿يضرب﴾، أي: يبين ﴿الله﴾ الذي له الإحاطة الكاملة علماً وقدرة ﴿الأمثال﴾ فيجعلها في غاية الوضوح، وإن كانت في غاية الغموض. قال أهل المعاني: هذا مثل ضربه الله تعالى للحق والباطل، فالباطل وإن علا على الحق في بعض الأوقات والأحوال، فإن الله يمحقه ويبطله، ويجعل العاقبة للحق وأهله كالزبد الذي يعلو على الماء، فيذهب الزبد فيبقى الماء الصافي الذي ينفع، وكذلك الصفو من هذه الجواهر يبقى، ويذهب العلو الذي هو الكدر وهو ما ينفيه الكير مما يذاب من جواهر الأرض كذلك الحق والباطل. وقيل: هذا مثل للمؤمن واعتقاده وانتفاعه بالإيمان كمثل الماء الصافي الذي ينتفع به الناس، ومثل الكافر وخبث اعتقاده كمثل الزبد الذي لا ينتفع به البتة. ثم إنه تعالى لما ذكر الحق والباطل ذكر ما لأهلهما من الثواب والعقاب فقال تعالى:
(٣/٣٦٩)