تنبيه: يجوز أن تكون أن مصدرية، أي: بأن أخرج، والباء في بآياتنا للحال، وهذه للتعدية، ويجوز أن تكون مفسرة للرسالة بمعنى، أي: ويكون المعنى، أي: أخرج قومك من الظلمات، أي: قلنا له أخرج قومك كقوله تعالى: ﴿وانطلق الملأ منهم أن امشوا﴾ (ص، ٦). ﴿وذكرهم بأيام الله﴾ قال ابن عباس: بنعم الله. وقال مقاتل: بوقائع الله في الأمم السالفة، يقال: فلان عالم بأيام العرب، أي: بوقائعهم، وفي المثل من سرّ يوماً يره. قال الرازي: معناه من رأى في يوم سروره بمصرع غيره رآه غيره في يوم آخر بمصرع نفسه، وقال تعالى: ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾ (آل عمران، ١٤٠) والمعنى: عظهم بالترغيب، والترهيب، والوعد والوعيد، والترغيب والوعد أن يذكرهم ما أنعم الله عليهم وعلى من قبلهم ممن آمنوا بالرسل فيما سلف من الأيام، والترهيب والوعيد أن يذكرهم بأمر الله وعذابه وانتقامه ممن كذب الرسل فيما سلف من الأيام مثل ما نزل بعاد وثمود وغيرهم من العذاب ليرغبوا في الوعد، فيصدّقوا ويحذروا من الوعيد، فيتركوا التكذيب، وقيل: بأيام الله في حق موسى أن يذكر قومه بأيام المحنة والبلاء حين كانوا تحت أيدي القبط يسومونهم سوء العذاب، فخلصهم الله من ذلك وجعلهم ملوكاً بعد أن كانوا مملوكين ﴿إنّ في ذلك﴾، أي: التذكير العظيم ﴿لآيات﴾ على وحدانية الله تعالى وعظمته ﴿لكل صبار﴾، أي: كثير الصبر على الطاعة وعن المعصية ﴿شكور﴾، أي: كثير الشكر للنعم، وإنما خص الصبور والشكور بالاعتبار بالآيات، وإن كان فيها عبرة للكل؛ لأنهم المنتفعون بها دون غيرهم فلهذا خصهم بالآيات، فكأنها ليست لغيرهم فهو كقوله تعالى: ﴿هدى للمتقين﴾ (البقرة، ٣) فإنّ الانتفاع لا يمكن حصوله إلا لمن يكون صابراً شاكراً أما من لا يكون كذلك فلا ينتفع بها البتة. ولما أمر الله تعالى موسى أن يذكرهم بأيام الله حكى عنه أنه ذكرهم بها بقوله تعالى:
(٣/٤٠٦)


الصفحة التالية
Icon