(٣/٤٢٦)
ويحتمل أن يكون المراد أنهم لما دخلوا الجنة سلموا من جميع آفات الدنيا وحسراتها وفنون آلامها وأسقامها وأنواع همومها وغمومها؛ لأنّ السلام مشتق من السلامة. ولما شرح سبحانه تعالى أحوال الأشقياء، وأحوال السعداء ذكر مثلاً يبين الحال في حكم هذين القسمين بقوله تعالى:
(٣/٤٢٧)
﴿ألم تر﴾، أي: تنظر، والخطاب يحتمل أن يكون للنبيّ ﷺ ويدخل معه غيره، وأن يكون لكل فرد من الناس، أي: ألم تر أيها الإنسان ﴿كيف ضرب الله﴾، أي: المحيط بكل شيء علماً وقدرة ﴿مثلاً﴾ سيره بحيث يعم نفعه، والمثل قول سائر يشبه فيه حال الثاني بالأوّل، ثم بينه بقوله تعالى: ﴿كلمة طيبة﴾ قال ابن عباس وأكثر المفسرين: هي لا إله إلا الله. ﴿كشجرة طيبة﴾ قال ابن مسعود وأنس: هي النخلة. وعن ابن عباس: هي شجرة في الجنة. وعن ابن عمر أنّ رسول الله ﷺ قال ذات يوم: «إنّ الله تعالى ضرب مثل المؤمن شجرة فأخبروني ما هي؟ قال عبد الله: فوقع الناس في شجر البوادي وكنت صبياً فوقع في قلبي أنها النخلة، فهبت رسول الله ﷺ أن أقولها وأنا صغير القوم». وروي: فمنعني مكان عمر فاستحييت فقال له عمر: يا بنيّ لو كنت قلتها لكانت أحب إليّ من حمر النعم، ثم قال رسول الله ﷺ «ألا إنها النخلة». قيل: الحكمة في تشبيه الإنسان بالنخلة من بين سائر الأشجار أنّ النخلة أشبه به من حيث إنها إذا قطع رأسها يبست وسائر الأشجار يتشعب من جوانبها بعد قطع رأسها، وأنها تشبه الإنسان بحيث أنها لا تحمل إلا باللقاح؛ لأنها خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام ولذلك قال ﷺ «أكرموا عمتكم قيل: ومن عمتنا؟ قال: النخلة». ﴿أصلها ثابت﴾، أي: في الأرض ﴿وفرعها﴾، أي: غصنها ﴿في السماء﴾، أي: في جهة العلو والصعود ولم يرد المظلة كقولك في الجبل: طويل في السماء تريد ارتفاعه وشموخه. ﴿تؤتي﴾، أي: تعطي. ﴿أكلها﴾، أي: ثمرها


الصفحة التالية
Icon